ومن آداب قراءة القران الكريم التي تبعث على التأثير في
النفس، ويجدر بالقارىء أن يراعيها، هو الترتيل في التلاوة، وهو كما في الحديث
عبارة عن الحد الوسط بين السرعة والعجلة من جهة، والتأني والفتور المفرطين
الموجبين لتفرّق الكلمات وانتشارها من جهة أخرى.
عن محمَّدِ بن يعقوبَ بإسناده عن عبد اللَّه بن سليمان
قالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ
تَعَالَى: "وَرَتِّلْ القُرْانَ تَرْتِيل" قال عليه السلام: قال
أميرُ المُؤْمِنِينَ عليه السلام: " تَبَيَّنْهُ تِبْيانا وَلاَ تَهُدَّهُ
هَدَّ الشِّعْرِ وَلاَ تَنْثُرْهُ نَثْرَ الرَّمْلِ وَلكِنْ أَفْرِغُوا
قُلُوبَكُمُ القَاسِيَةَ وَلاَ يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ اخِرَ السُّورَةِ "
فالإنسان الذي يريد أن يتلو كلام الله، ويداوي قلبه
القاسي، ويشفي أمراضه القلبية من خلال قراءته للكلام الجامع الإلهي.. لا بد لهذا الإنسان من توفير الأسباب الظاهرية
والباطنية والآداب الصورية والمعنوية. أما أمثالنا عندما نقرأ القران بعض الأحيان،
فمضافاً إلى أننا نغفل نهائياً عن معاني الآيات الكريمة، وأهدافها السامية
وأوامرها ونواهيها ووعظها وزجرها، وكأنّ آيات الجنّة ونعيمها، وآيات جهنم والعذاب
الأليم، لا تعنينا، بل نعوذ بالله يكون انتباهنا وتوجّه قلوبنا عند قراءة الكتب
القصصية أكثر من توجهنا حين تلاوتنا للآيات المجيدة، مضافاً إلى ذلك فإننا في غفلة
حتى عن الآداب الظاهرية لقراءة القران الكريم.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة، الأمر بقراءة القران بصوت
حزين وجميل، وَعَنْ أَبِي الحَسَنَ عليه السلام قَالَ : "ذَكَرْتُ الصَّوتَ
عِنْدُهُ " فَقالَ: " إِنَّ عَلي بنُ الحُسين عليهما السلام كَانَ
يَقْرأُ فَرُبّمَا مَرَّ بِهِ المارّ فَصَعِقَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِه، وَأَنَّ الإِمَامَ
لَوْ أَظْهَرَ مِنْ ذلِكَ شَيئاً لَمَا احْتَمَلَهُ النَّاسُ مِنْ حُسْنِهِ" ونحن عندما نريد أن نُري للناس صوتنا الحسن
وأنغامه الجميلة، نلتجأ إلى قراءة القران أو الآذان، من دون أن نستهدف تلاوة
القران والعمل بهذا الاستحباب.
وعلى كل حال إن مكائد الشيطان وأضاليل النفس الأمارة
كثيرة، وغالباً ما يلتبس الحق بالباطل، والحسن بالقبيح، فيجب أن نلوذ بالله سبحانه
ونعوذ به من هذه الأَشْرَاكَ والأفخاخ.
من كتاب القرآن في فكر الإمام الحميني (رضوان الله تعالى عليه)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق