الاثنين، 24 فبراير 2014

في التطبيق


من الآداب المهمة لقراءة القرآن التي تنيل الإنسان نتائج كثيرة والاستفادات غير المعدودة هو التطبيق. وكيفيّته أنه حينما يتفكر في كل آية من الآيات الشريفة يطبّق مفادها في حاله ويرفع نقصانه بواسطة هذا التطبيق ويشفي أمراضه به، مثلاً في قصة آدم عليه السلام الشريفة يتفكر أن مطرودية الشيطان عن جناب القدس مع تلك السجدات والعبادات الطويلة لماذا؟ فيطهّر نفسه منه لأن مقام القرب الإلهي مقام المطهّرين، فمع الأوصاف والأخلاق الشيطانية لا يمكن القدوم إلى ذلك الجناب الرفيع. ويستفاد من الآيات الشريفة أن مبدأ عدم سجود إبليس هو رؤية النفس والعجب فقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.. فهذا العجب صار سبباً لحب النفس والاستكبار، وصار سبباً للاستقلال والاستكبار وعصيان الأمر فصار مطروداً عن الجناب ونحن خطبنا الشيطان من أول عمرنا ملعوناً ومطروداً واتصفنا بأوصافه الخبيثة ولم نتفكر في أن ما هو سبب المطرودية عن جناب القدس إذا كان موجوداً في أي شخص، فهو مطرود وليس للشيطان خصوصية، فما كان سبباً لطرده عن جناب القدس يكون مانعاً من أن نتطرّق إليه، وأنا أخاف من أن نكون شركاء إبليس في اللعن الذي نلعنه.

ونتفكر أيضاً في هذه القضية الشريفة ونرى ما هو السّبب لمزيّة ادم وأفضليته على الملائكة، فنتصف نحن أيضاً بمقدار الطاقة بذاك السبب فنرى أن سبب التفضيل هو تعليم الأسماء كما قال تعالى: "وعلّم ادم الأسماء كلّه" والمرتبة العالية من تعليم الأسماء هو التحقق بمقام أسماء الله. كما أن المرتبة العالية من الإحصاء الذي هو في الرواية الشريفة أن لله تسعاً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، هو التحقق بحقيقتها التي تنيل الإنسان إلى جنة الأسماء.

الإنسان يستطيع أن يكون مظهراً لأسماء الله، والاية الكبرى الإلهية بالارتياضات القلبية ويكون وجوده وجوداً ربّانياً ويكون المتصرّف في مملكته يدا الجمال والجلال الإلهي. وفي الحديث ما يقرب من هذا المعنى من أن "روح المؤمن أشدّ اتصالاً بالله تعالى من اتصال شعاع الشمس بها أو بنوره".


وفي الحديث الصحيح [لا يزال يتقرّب إليّ عبدي بالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يأخذ بها]. وفي الحديث "عليٌ عين الله ويد الله" إلى غير ذلك.. وفي الحديث "نحن أسماؤه الحسنى" والشواهد العقلية والنقلية في هذا بخصوصه كثيرة.

من كتاب القرآن في فكر الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق