الأحد، 2 فبراير 2014

الاستفادات ذات البعد الواحد من القرآن




بعد مضي مدة من نزول الإسلام، اهتمت مجموعات مختلفة من أهل العلم بمعنويات الإسلام، وركّزوا أنظارهم على تلك الايات والروايات المرتبطة بالمعنويات وتهذيب النفس وما وراء الطبيعة... في القران الكريم ايات كثيرة عن الأمور المعنوية، أي ذلك الوجه الإنساني الذي هو من عالم الغيب.

استمر الوضع لفترة طويلة على هذه الشاكلة حيث كان الاهتمام معدوماً أو ضعيفاً بتلك الأحكام الاجتماعية والسياسية وغيرها الواردة في الإسلام.

 ثم ظهرت تدريجياً مجموعات اهتمت بالمسائل الاجتماعية والسياسية وقضايا الساعة، وهؤلاء وقعوا من هذا الطرف أي اقتصرت اهتماماتهم على هذه المسائل الاجتماعية والأحكام السياسية وقضايا الحكم فقط.

 أولئك كانوا ينظرون إلى ذلك الجانب من الورق لفترات سابقة كالفلاسفة والعرفاء والمتصوفة وأمثالهم، وكان كلامهم يدور حول بيان هذه المعنويات، ويدعون الناس إلى هذه الجهات المعنوية الإسلامية. حتى إن بعضهم حاول إرجاع الايات أو الروايات الواردة بشأن الأمور الطبيعية والمتحدثة عن قضايا الاجتماع والسياسة، إلى تلك الأمور المعنوية، ويعتبرون أن الجميع مرتبط بذلك الجانب. فهم كانوا ينظرون إلى الجانب الباطني للقران والإسلام... ينظرون إلى المعنويات فقط، ويغضّون أبصارهم عن المواضيع الاجتماعية الواردة في القران، وعن الايات والروايات الواردة بشأن الحكم الإسلامي، والسياسة الإسلامية، والقضايا الاجتماعية، وإعمار هذا العالم، وهذه هي الغفلة...
الغفلة عن الإسلام، لأنهم كانوا ينظرون إلى الإسلام من زاوية واحدة فقط.

أما الجانب الاخر وعالم طبيعته فإنهم لم يهتموا به، ولم يعلموا أن الإسلام يهتم بعالم الطبيعة أيضاً، ويهتم بجميع تلك الأمور التي يحتاجها الإنسان. لذا فإن إحدى الابتلاءات التي ابتلي بها الإسلام هي أن هؤلاء الأشخاص أمثال المتكلمين، والأكثر منهم الفلاسفة، والأكثر منهم العرفاء والصوفية، أرادوا تفسير جميع الايات الواردة في القران الكريم تفسيراً معنوياً... اهتموا بالباطن وغفلوا عن الظاهر. والان فإن ابتلاء الإسلام أخذ منحنًى اخر وهو أن شبابنا ومثقفونا وعلماؤنا الذين تعلموا العلوم المادية، يحاولون تفسير جميع ايات القران والروايات تفسيراً طبيعياً، وغفلوا عن المعنويات، حتى إنهم فسروا تلك الايات الخاصة بالأمور المعنوية تفسيراً طبيعياً عادياً. وهؤلاء مهتمون بالإسلام أيضاً، لكنهم غافلون أيضاً، لأنهم ينظرون للإسلام من جانب واحد. وهاتان الطائفتان لم تفهمان الإسلام بمعناه الحقيقي. فالإسلام لا يدعو إلى المعنويات فقط، ولا يدعو إلى الماديات فقط.

إنه يدعو إلى كليهما. فقد جاء الإسلام والقران الكريم من أجل بناء الإنسان وتربيته في جميع أبعاده.

من كتاب القرآن في فكر الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق