آن الاوان لكي نتعرف
على الصيغ المتنوعة التي تتخذها السنة التاريخية القرآنية.
كيف يتم التعبير
موضوعيا عن القانون التاريخي في القرآن الكريم؟
ما هي الأشكال التي
تتخذها سنن التاريخ في مفهوم القرآن الكريم؟
هناك ثلاثة أشكال
تتخذها السنة التاريخية في القرآن الكريم ، لا بد من استعراضها ومقارنتها والتدقيق
في أوجه الفرق بينها.
القضية الشرطية
الشكل الاول للسنة التاريخية هو شكل القضية الشرطية، في هذا الشكل تتمثل السنة التاريخية في قضية شرطية تربط بين حادثتين أو مجموعتين من الحوادث على الساحة التاريخية وتؤكد العلاقة الموضوعية بين الشرط والجزاء ، وأنه متى ما تحقق الشرط تحقق الجزاء وهذه صياغة نجدها في كثير من القوانين والسنن الطبيعية والكونية في مختلف الساحات الاخرى.
فمثلا : حينما نتحدث عن
قانون طبيعي لغليان الماء ، نتحدث بلغة القضية الشرطية ، نقول بأن الماء اذا تعرض الى
الحرارة وبلغت الحرارة درجة معينة مائة مثلا في مستوى معين من الضغط ، حينئذ سوف
يحدث الغليان هذا قانون طبيعي يربط بين الشرط والجزاء ويؤكد ان حالة التعرض الى
الحرارة ، ضمن مواصفات معينة تذكر في طرف الشرط تستتبع حادثة طبيعية معينة ، وهي
غليان هذا الماء « تحول هذا الماء من سائل الى غاز »
هذا القانون مصاغ على نهج القضية الشرطية ومن الواضح أن هذا القانون الطبيعي لا ينبئنا شيئاً عن تحقق الشرط وعدم تحققه ، لا ينبئنا هذا القانون الطبيعي عن ان الماء سوف يتعرض للحرارة او لا يتعرض للحرارة هل ان درجة حرارة الماء ترتفع الى الدرجة المطلوبة ضمن هذا القانون او لا ترتفع؟ هذا القانون لا يتعرض الى مدى وجود الشرط وعدم وجوده ، ولا ينبئنا بشيء عن تحقق الشرط ايجابا او سلبا ، وانما ينبئنا عن ان الجزاء لا ينفك عن الشرط ، فمتى ما وجد الشرط وجد الجزاء.
فالغليان نتيجة مرتبطة موضوعيا بالشرط هذا هو تمام ما ينبئنا عنه هذا القانون المصاغ بلغة القضية الشرطية.
ومثل هذه القوانين تقدم خدمة كبيرة للإنسان في حياته الاعتيادية وتلعب دورا عظيما في توجيه الانسان، لأن الانسان ضمن تعرفه على هذه القوانين يصبح بإمكانه أن يتصرف بالنسبة إلى الجزاء، ففي كل حالة يكون الجزاء متعارضا مع مصالحه ومشاعره يحاول الحيلولة دون توفر شروط هذا القانون.
متى ما كان غليان الماء مقصودا للانسان يطبق شروط هذا القانون ومتى لم يكن مقصودا للانسان يحاول ان لا تتطبق شروط هذا القانون.
إذن القانون الموضوعي بنهج القضية الشرطية موجه عملي للإنسان في حياته ومن هنا تتجلى حكمة الله سبحانه وتعالى في صياغة نظام الكون على مستوى القوانين وعلى مستوى الروابط المضطردة والسنن الثابتة لان صياغة الكون ضمن روابط مضطردة وعلاقات ثابتة هو الذي يجعل الانسان يتعرف على موضع قدميه وعلى الوسائل التي يجب ان يسلكها في سبيل تكييف بيئته وحياته والوصول الى اشباع حاجته.
لو أن الغليان في الماء كان يحدث صدفة ومن دون رابطة قانونية مضطردة مع حادثة أخرى كالحرارة ، إذن لما استطاع الانسان ان يتحكم في هذه الظاهرة ، أن يخلق هذه الظاهرة متى ما كانت حياته بحاجة إليها وأن يتفاداها متى ما كانت حياته بحاجة الى تفاديها،
إنما كان له هذه القدرة باعتبار أن هذه الظاهرة وضعت في موضع ثابت من سنن الكون وطرح على الانسان القانون الطبيعي من لغة القضية الشرطية فأصبح ينظر في نور لا في ظلام ويستطيع في ضوء هذا القانون الطبيعي أن يتصرف، نفس الشيء نجده في الشكل الاول من السنن التاريخية القرآنية فإن عددا كبيرا من السنن التاريخية في القرآن قد نمت صياغته على شكل القضية الشرطية التي تربط ما بين حادثتين اجتماعيتين او تاريخيتين فهي لا تتحدث عن الحادثة الاولى « انها متى توجد ، ومتى لا توجد » لكن تتحدث عن الحادثة الثانية بأنه « متى ما وجدت الحادثة الاولى ، وجدت الحادثة الثانية ».
قرأنا في ما سبق استعراضا للآيات الكريمة التي تدل على سنن التاريخ
في القرآن جملة من تلك الآيات الكريمة مفادها هو السنة التاريخية بلغة القضية
الشرطية ، تتذكرون ما قرأناه سابقا « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » سورة الرعدم11.
هذه السنة التاريخية للقرآن والتي
تقدم الكلام عنها ويأتي إن شاء الله الحديث عن شرح محتواها، هذه السنة التاريخية
للقرآن بينت بلغة القضية الشرطية لأن مرجع هذا المفاد القرآني الى أن هناك علاقة
بين تغييرين ، بين تغيير المحتوى الداخلي للانسان وتغيير الوضع الظاهري للبشرية
والانسانية ، مفاد هذه العلاقة قضية شرطية ، انه متى ما وجد ذاك التغيير في انفس
القوم وجد هذا التغيير في بناء القوم وكيان القوم، هذه القضية قضية شرطية بين
القانون فيها بلغة القضية الشرطية.
« وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا
غدقا » سورة الجن/16
قلنا في ما سبق أن هذه
الآية الكريمة تتحدث عن سنة من سنن التاريخ ، عن سنة تربط وفرة الانتاج بعدالة
التوزيع هذه السنة ايضا هي بلغة القضية الشرطية كما هو الواضح من صياغتها النحوية
ايضا.
« واذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدمير » (سورة الإسراء/16).
أيضا سنة تاريخية بينت بلغة القضية الشرطية ربطت بين امرين ، بين تأمير الفساق والمترفين في المجتمع وبين دمار ذلك المجتمع وانحلاله، هذا القانون التاريخي ايضا مبين على نهج القضية الشرطية ، فهو لا يبين أنه متى وجد الشرط ، لكن يبين متى ما وجد هذا الشرط يوجد الجزاء ، هذا هو الشكل الاول من أشكال السنة التاريخية في القرآن.
القضية الفعلية الناجزة الوجودية المحققة
الشكل الثاني الذي تتخذه السنن التاريخية شكل القضية الفعلية الناجزة الوجودية المحققة وهذا الشكل أيضا نجد له أمثلة وشواهد في القوانين الطبيعية والكونية.
مثلاً : العالم الفلكي حينما يصدر حكما علميا على ضوء قوانين مسارات الفلك بأن الشمس سوف تنكسف في اليوم الفلاني ، أو أن القمر سوف ينخسف في اليوم الفلاني هذا قانون علمي وقضية علمية ، الا أنها قضية وجودية ناجزة ، وليست قضية شرطية ، لا يملك الانسان اتجاه هذه القضية أن يغير من ظروفها وأن يعدل من شروطها، لأنها لم تبين كلغة قضية شرطية ، وإنما بينت على مستوى القضية الفعلية الوجودية ، الشمس سوف تنكسف ، القمر سوف ينخسف ، هذه قضية فعلية تنظر الى الزمان الآتي وتخبر عن وقوع هذه الحادثة على أي حال، وكذلك القرارات العلمية التي تصدر عن الأنواء الجوية، المطر ينهمر على المنطقة الفلانية ، هذا أيضا يعبر عن قضية فعلية وجودية لم تصغ بلغة القضية الشرطية وانما صيغت بلغة التنجيز والتحقيق بلحاظ زمان معين ومكان معين ، هذا هو الشكل الثاني من السنن التاريخية وسوف اذكر فيما بعد ان شاء الله عند تحليل عناصر المجتمع الى أمثلة هذا الشكل من القرآن الكريم.
هذا الشكل من السنن
التاريخية هو الذي أوحى في الفكر الاوروبي بتوهم التعارض بين فكرة سنن التاريخ
وفكرة اختيار الانسان وإرادته، نشأ هذا التوهم الخاطيء الذي يقول بأن فكرة سنن
التاريخ لا يمكن أن تجتمع الى جانب فكرة اختيار الانسان لأن سنن التاريخ هي التي
تنظم مسار الانسان وحياة الانسان اذن ماذا يبقى لارادة الانسان؟
هذا التوهم أدى الى أن بعض المفكرين يذهب الى ان الانسان له دور سلبي فقط حفاظا على سنن التاريخ وعلى موضوعية هذه السنن ، ضحى باختيار الانسان من أجل الحفاظ على سنن التاريخ فقال بأن الانسان دوره دور سلبي وليس دورا ايجابيا ، يتحرك كما تتحرك الالة وفقا لظروفها الموضوعية ، ولعله يأتي بعض التفصيل أيضا عن هذه الفكرة،
وذهب بعض آخر في مقام التوفيق ما بين هاتين الفكرتين ولو ظاهريا الى أن اختيار الانسان نفسه هو ايضا يخضع لسنن التاريخ ولقوانين التاريخ ، لا نضحي باختيار الانسان، لكن نقول بان اختيار الانسان لنفسه حادثة تاريخية ايضا ، اذن هو بدوره يخضع للسنن هذه تضحية باختيار الانسان لكن بصورة مبطنة ، بصورة غير مكشوفة،
وذهب بعض آخر الى التضحية بسنن التاريخ لحساب اختيار الانسان فذهب جملة من المفكرين الاوروبيين الى أنه ما دام الانسان مختارا فلابدّ من أن تستثنى الساحة التاريخية من الساحات الكونية في مقام التقنين الموضوعي ، لا بد وان يقال بأنه لا سنن موضوعية للساحة التاريخية حفاظا على ارادة الانسان وعلى اختيار الانسان.
وهذه المواقف كلها خاطئة لانها جميعا تقوم على ذلك الوهم الخاطئ ، وهم الاعتقاد بوجود تناقض أساسي بين مقولة السنة التاريخية ومقولة الاختيار ، وهذا التوهم نشأ من قصر النظر على الشكل الثاني من اشكال السنة التاريخية أي قصر النظر على السنة التاريخية المصاغة بلغة القضية الفعلية الوجودية الناجزة.
لو كنا نقصر النظر على هذا الشكل من سنن التاريخ ولو كنا نقول بأن هذا الشكل هو الذي يستوعب كل الساحة التاريخية لا يبقي فراغا لذي فراغ لكان هذا التوهم واردا ، ولكنا يمكننا ابطال هذا التوهم عن طريق الالتفات الى الشكل الاول من اشكال السنة التاريخية الذي تصاغ فيه السنة التاريخية بوصفها قضية شرطية ، وكثيرا ما تكون هذه القضية الشرطية في شروطها معبرة عن ارادة الانسان واختياره، يعني ان اختيار الانسان يمثل محور القضية الشرطية « شرط القضية الشرطية »
اذن فالقضية الشرطية كامثلة التي ذكرناها من القرآن الكريم تتحدث عن علاقة بين الشرط والجزاء ، لكن ما هو الشرط؟
الشرط : هو فعل الانسان ، هو ارادة الانسان « إن الله لا يغير ما بقوم
حتى يغيروا ما بأنفسهم »، التغيير هنا أسند إليهم فهو فعلهم ، ابداعهم وارادتهم.
اذن السنة التاريخية حينما تصاغ بلغة القضية الشرطية وحينما يمثل ابداع الانسان واختياره موضوع الشرط في هذه القضية الشرطية ، في مثل هذه الحالة تصبح هذه السنة متلائمة تماما مع اختيار الانسان بل أن السنة حينئذ تقضي اختيار الانسان ، تزيده اختيارا وقدرة وتمكنا من التصرف في موقفه ، كيف أن ذلك القانون الطبيعي للغليان كان يزيد من قدرة الانسان لانه يستطيع حينئذ ان يتحكم في الغليان بعد أن عرف شروطه وظروفه ، كذلك السنن التاريخية ذات الصيغ الشرطية ، هي في الحقيقة ليست على حساب ارادة الانسان وليست نقيضا لاختيار الانسان بل هي مؤكدة لاختيار الانسان وتوضح للانسان نتائج ، لكي يستطيع أن يقتبس ما يريده من هذه النتائج ، لكي يستطيع أن يتعرف على الطريق الذي يسلك به الى هذه النتيجة أو إلى تلك النتيجة فيسير على ضوء وكتاب منير هذا هو الشكل الثاني للسنة التاريخية.
الشكل الثالث للسنة التاريخية وهو شكل اهتم به القرآن الكريم اهتماما كبيرا ، هو السنة التاريخية المصاغة على صورة اتجاه طبيعي في حركة التاريخ لا على صورة قانون صارم حدي
وفرق بين الاتجاه والقانون ولكي تتضح الفكرة في ذلك لا بد أن نطرح الفكرة الإعتيادية التي نعيشها في أذهاننا عن القانون ، القانون العلمي كما نتصوره عادة عبارة عن تلك السنة التي لا تقبل التحدي من قبل الانسان ، لانها قانون من قوانين الكون والطبيعة فلا يمكن للانسان ان يتحداها ، أن ينقضها ، أن يخرج عن طاعتها ، يمكنه ان لا يصلي لان وجوب الصلاة حكم تشريعي وليس قانونا تكوينيا ، يمكنه أن يشرب الخمر لان حرمة الخمر قانون تشريعي وليس قانونا تكوينيا ، لكنه لا يمكنه ان يتحدى القوانين الكونية والسنن الموضوعية ، مثلا لا يمكنه أن يجعل الماء لا يغلي اذا توفرت شروط الغليان ، لا يمكنه أن يتحدى الغليان وان يؤخر الغليان لحظة عن موعده المعين لأن هذا قانون والقانون صارم والصرامة تأبى التحدي.
هذه هي الفكرة التي نتصورها عادة عن القوانين وهي فكرة صحيحة الى حد ما ، لكن ليس من الضروري ان تكون كل سنة طبيعية موضوعية على هذا الشكل بحيث تأبى التحدي ولا يمكن تحديها من قبل الانسان بهذه الطريقة بل هناك اتجاهات موضوعية في حركة التاريخ وفي مسار الانسان الا ان هذه الاتجاهات لها شيء من المرونة بحيث انها تقبل التحدي ولو على شوط قصير ، وان لم تقبل التحدي على شوط طويل ، لكن على الشوط القصير تقبل التحدي أنت لا تستطيع أن تؤخر موعد غليان الماء لحظة ، لكن تستطيع أن تجمد هذه الاتجاهات لحظات من عمر التاريخ لكن هذا لا يعني أنها ليست اتجاهات تمثل واقعا موضوعيا في حركة التاريخ ، هي اتجاهات ولكنها مرنة تقبل التحدي لكنها تحطم المتحدي تحطمه بسنن التاريخ نفسها.
ومن هنا كانت اتجاهات : هناك اشياء يمكن تحديها دون ان يتحطم المتحدي ، لكن هناك اشياء يمكن أن تتحدى على شوط قصير ولكن المتحدي يتحطم على سنن التاريخ نفسها، هذه هي طبيعة الاتجاهات الموضوعية في حركة التاريخ.
لكي أقرب الفكرة اليكم نستطيع أن نقول بأن هناك اتجاها في تركيب الانسان وفي تكوين الانسان اتجاها موضوعيا لا تشريعيا الى اقامة العلاقات المعينة بين الذكر والانثى في مجتمع الانسان ضمن اطار من أطر النكاح والاتصال ، هذا الاتجاه ليس تشريعيا ليس تقنينا اعتباريا وإنما هو اتجاه موضوعي أعملت العناية في سبيل تكوينه في مسار حركة الانسان، لا نستطيع أن نقول أن هذا مجرد قانون تشريعي، مجرد حكم شرعي، لا وانما هذا اتجاه ركب في طبيعة الانسان وفي تركيب الانسان وهو الاتجاه الى الاتصال بين الذكر والانثى وادامة النوع عن طريق هذا الاتصال ضمن اطار من أطر النكاح الاجتماعي.
هذه سنة لكنها سنة على مستوى الاتجاه ، لا على مستوى القانون .. لماذا؟ لان التحدي لهذه السنة لحظة او لحظات ممكن ، أمكن لقوم لوط أن يتحدوا هذه السنة فترة من الزمن بينما لم يكن بامكانهم ان يتحدوا سنة الغليان بشكل من الاشكال ، الا ان تحدي هذه السنة يؤدي الى أن يتحطم الانسان.
المجتمع الذي يتحدى هذه السنة يكتب بنفسه فناء نفسه لانه يتحدى ذلك عن طريق ألوان اخرى من الشذوذ تؤدي إلى فناء المجتمع وإلى خراب المجتمع ومن هنا كان هذا اتجاها موضوعيا يقبل التحدي على شوط قصير ، لكن لا يقبل التحدي على شوط طويل لانه سوف يحطم المتحدي بنفسه.
الاتجاه الى توزيع الميادين بين المرأة والرجل هذا الاتجاه اتجاه موضوعي وليس اتجاها ناشئا من قرار تشريعي ، اتجاه ركب في طبيعة الرجل والمرأة ، ولكن هذا الاتجاه يمكن ان يتحدى ، يمكن استصدار تشريع يفرض على الرجل بأن يبقى في البيت ليتولى دور الحضانة والتربية وان تخرج المرأة الى الخارج لكي تتولى مشاق العمل والجهد ، هذا بالامكان ان يتحقق عن طريق تشريع معين وبهذا يحصل التحدي لهذا الاتجاه لكن هذا التحدي سوف لن يستمر لان سنن التاريخ سوف تجيب على هذا التحدي لاننا بهذا سوف نخسر ونجمد كل تلك القابليات التي زودت بها المرأة من قبل هذا الاتجاه لممارسة دور الحضانة والامومة وسوف نخسر كل تلك القابليات التي زود بها الرجل من اجل ممارسة دور يتوقف على الجلد والصبر والثبات وطول النفس كما أن من قبيل ان تسلم بناية تسلم نجارياتها الى حداد وحدادياتها الى نجار يمكن ان تصنع هكذا ويمكن ان تنشأ البناية أيضا لكن هذه البناية سوف تنهار ، سوف لن يستمر هذا التحدي على شوط طويل سوف يتقطع في شوط قصير.
كل اتجاه من هذا القبيل هو في الحقيقة سنة موضوعية من سنن التاريخ ومن سنن حركة الانسان ولكنها سنة مرنة تقبل التحدي على الشوط القصير ولكنها تجيب على هذا التحدي وأهم مصداق يعرضه القرآن الكريم لهذا الشكل من السنن هو الدين.
القرآن الكريم يرى أن الدين نفسه سنة من سنن التاريخ ، سنة موضوعية من سنن التاريخ ليس الدين فقط تشريعا وانما هو سنة من سنن التاريخ ولهذا يعرض الدين على شكلين تارة يعرضه بوصفه تشريعا كما يقول علم الاصول ، بوصفه ارادة تشريعية مثلا يقول
« شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه » سورة الشورى/13.
هنا يبين الدين كتشريع ، كقرار ، كأمر من الله سبحانه وتعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق